«المركزي التركي» واكب التوقعات وثبت الفائدة عند 50 % للشهر الثالث
أبقى مصرف تركيا المركزي سعر الفائدة على إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو) المعتمد معياراً أساسياً لأسعار الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير للشهر الثالث على التوالي، متماشياً مع التوقعات السابقة.
وأكد «المركزي التركي»، في بيان، عقب اجتماع لجنته للسياسة النقدية الخميس، أن الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري حقق انقطاعاً مؤقتاً في مايو (أيار) الماضي، الذي بلغ فيه التضخم السنوي ذروته عند 75.45 في المائة، ولفت إلى أن المؤشرات الأخيرة تؤكد أن الطلب المحلي يتباطأ، رغم أنه لا يزال عند مستوى تضخمي.
كان «المركزي التركي» رفع سعر الفائدة للمرة الأخيرة في مارس (آذار) الماضي من 45 إلى 50 في المائة بسبب الاتجاه الأساسي للتضخم الذي حقق ارتفاعاً مخالفاً للتوقعات.
عوامل ضاغطة
وأضاف البيان أن المسار المرتفع وجمود تضخم الخدمات، وتوقعات التضخم، والمخاطر الجيوسياسية، وأسعار المواد الغذائية، كلها عوامل تؤدي إلى استمرار الضغوط التضخمية، وأنه يجري، عن كثب، مراقبة مدى امتثال توقعات التضخم وسلوك التسعير للتوقعات، كما تتم مراقبة آثار التشديد النقدي على القروض والطلب المحلي عن كثب أيضاً.
وعلى الرغم من قراره إبقاء سعر الفائدة ثابتاً، مع الأخذ في الاعتبار الآثار المتأخرة للتشديد النقدي، فإن «المركزي التركي» أكد، مجدداً، موقفه الحذر ضد المخاطر الصعودية للتضخم.
وقال إنه سيتم الحفاظ على موقف السياسة النقدية المتشددة حتى يتم تحقيق انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري وتتقارب توقعات التضخم مع النطاق المتوقع، وإذا تم توقع حدوث تدهور كبير ودائم في التضخم، فسيتم تشديد السياسة النقدية مجدداً.
وشدّد «المركزي التركي» على موقفه الحازم في السياسة النقدية، قائلاً إنه سيعمل على تقليل الاتجاه الرئيسي للتضخم الشهري من خلال موازنة الطلب المحلي، وارتفاع حقيقي في قيمة الليرة التركية.
العودة للتشديد
وأوضح أنه في حال حدوث تطورات غير متوقعة في أسواق الائتمان والودائع، سيتم دعم آلية التحويل النقدي بخطوات احترازية كلية إضافية، حيث تتم مراقبة تطورات السيولة عن كثب، وسيتم تنويع أدوات التعقيم واستخدامها بشكل فعّال عند الضرورة.
وأضاف أن لجنة السياسة النقدية ستتخذ قراراتها بطريقة من شأنها الحد من الاتجاه الرئيسي للتضخم، وتوفير الظروف النقدية والمالية التي من شأنها أن تجعل التضخم يصل إلى هدف 5 في المائة على المدى المتوسط، مع الأخذ في الاعتبار الآثار المتأخرة للتشديد النقدي.
وشدّد على أنه ستتم مراقبة المؤشرات المتعلقة بالتضخم واتجاهه الأساسي عن كثب، وسيستخدم «المركزي التركي»، بحزم، جميع الأدوات المتاحة له بما يتماشى مع الهدف الرئيسي المتمثل في استقرار الأسعار.
وبلغ التضخم ذروته عند 75.45 في المائة في مايو، مع توقعات بحدوث انخفاض حاد ابتداء من يونيو (حزيران) الحالي.
وسبق أن توقع ا«لمركزي التركي» أن يبلغ التضخم في نهاية العام 38 في المائة، بينما تشير توقعات السوق إلى معدل يتراوح بين 40 و45 في المائة.
وذكرت مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية التركية، أن الظروف ستكون مناسبة لخفض أسعار الفائدة اعتبارا من سبتمبر (أيلول) المقبل.
التوقعات السابقة
وسادت توقعات قبل اجتماع لجنة السياسة النقدية للمركزي التركي بالإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير، واستمرار هذا الوضع معظم العام أو حتى بعد انتهاء العام الحالي.
وبحسب استطلاع نشرته «بلومبرغ» قبل الاجتماع، توقع اقتصاديون الإبقاء على سعر الفائدة ثابتاً للشهر الثالث على التوالي، كما تقدر مصارف مثل «وول ستريت»، و«بنك أوف أميركا»، إجراء الخفض الأول للفائدة التركية بالقرب من نهاية هذا العام، في حين أجل «مورغان ستانلي» توقعاته لذلك الإجراء إلى الربع الأول من العام المقبل.
قال محللو «بنك أوف أميركا»، بمن فيهم زمرد إمام أوغلو، في مذكرة، إن «الاقتصاد التركي يتباطأ. ومن المهم جداً مواصلة تشديد السياسة النقدية لضمان استمرار تراجع التضخم حتى عام 2025 وما بعده».
وأدى رفع أسعار الفائدة، الذي بدأ قبل عام، إلى تباطؤ الاقتصاد التركي وتراجع وتيرة نموه، لأسباب منها أن الظروف المالية الأكثر تشديداً لم تكن متزامنة مع التدابير المالية السخية، مثل زيادة الأجور التي أقرتها الحكومة أكثر من مرة قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو 2023.
ويتراجع زخم الاقتصاد حالياً مع تشديد السياسة المالية، مع توقعات بأن يسير التضخم على المسار الصحيح نحو بدء التباطؤ بداية من يونيو الحالي، بعد أن بلغ ذروته فوق 75 في مايو الماضي.
وعلى الجانب الآخر، يتراجع مقياس نشاط الصناعات التحويلية التركي دون حاجز 50 نقطة، الفاصل بين النمو والانكماش منذ شهرين، وصار استغلال المصانع لإمكاناتها أقل من أي وقت مضى منذ أغسطس (آب) الماضي. كما أظهر مسح أجراه البنك المركزي أن التشاؤم بين الشركات آخذ في الارتفاع.